الاستراحة
بالفيديو : قضية فساد كبرى متورط فيها وزير التعليم ونائب في البرلمان العراقي
لليوم الثالث على التوالي يواصل القضاء العراقي التحقيق بواحد من أضخم ملفات الفساد المالي في البلاد منذ مطلع العام الحالي، داخل وزارة التربية، وسط توقعات بأن تشمل التحقيقات مؤسسات أخرى وشخصيات سياسية وبرلمانية معروفة.
وبحسب مصادر سياسية في بغداد، ، فإن خلافات بين كتل سياسية سنية في البرلمان قادت إلى فضح واحدة من أكبر صفقات الفساد منذ مطلع العام الحالي بقيمة 41 مليار دينار، يتورط فيها سياسيون ونواب برلمان، فضلاً عن مسؤولين في وزارة التربية.
ووفقاً لما جرى عليه العرف السياسي في العراق بتوزيع الوزارات في الحكومة ضمن مبدأ المحاصصة الطائفية، التي يعتبرها مراقبون أحد أبرز عوامل استمرار الفساد في البلاد، يتولّى وزارة التربية منذ نحو 12 عاماً وزراء ترشحهم الكتل السياسية السنية. وتعاني الوزارة من الفساد والمحسوبية، فضلاً عن تردّي الواقع التربوي والتعليمي بشكل دفع إلى انتعاش قطاع التعليم الخاص أو الأهلي، وحصول هجرة مستمرة من المدارس الحكومية إلى الأهلية.
وفي ساعة متأخرة من ليلة الخميس، أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق عن إطلاق سراح وزيرة التربية سها خليل العلي بيك بكفالة، بعد ضبطها وتدوين أقوالها، مع الاستمرار باعتقال وكيل وزير التربية مع مسؤولين آخرين بالوزارة، وتوجيه طلب إلى البرلمان لرفع الحصانة عن نائب في البرلمان لتورطه في القضية، فضلاً عن إصدار أوامر قبض بحق مجموعة من اللبنانيين بقضية فساد عقد التأمين الصحي.
وذكر القاضي المختص في المحكمة المركزية لمكافحة الفساد في جانب الرصافة من بغداد، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن المحكمة مستمرة في إجراءات التحقيق بخصوص قضية عقد التأمين الخاص بوزارة التربية مع إحدى الشركات، إذ تم إلقاء القبض على ثمانية من المتهمين الأساسيين، وهم موقوفون حالياً على ذمة التحقيق، ومن بينهم وكيل الوزارة.
وأضاف البيان أنه تم استعادة مبلغ 25 مليار دينار من مبلغ العقد البالغ 41 مليار دينار، مؤكدا أن الجهود مستمرة لاستعادة المتبقي من المبلغ خلال الأيام القادمة.
المحكمة أصدرت أوامر قبض بحق مجموعة من المتهمين اللبنانيين المتورطين في القضية، كما أصدرت قرارات بحجز حساباتهم وأموالهم ومستحقاتهم كافة لدى المصارف والمؤسسات العراقية
وأوضح البيان أن وزيرة التربية تم تدوين أقوالها في القضية، وهي مكفولة حالياً بانتظار موعد المحاكمة بعد اكتمال التحقيق، لافتاً إلى أن المحكمة أصدرت أوامر قبض بحق مجموعة من المتهمين اللبنانيين المتورطين في القضية، كما أصدرت قرارات بحجز حساباتهم وأموالهم ومستحقاتهم كافة لدى المصارف والمؤسسات العراقية. وتابع: “كذلك، صدرت مذكرة باستقدام أحد أعضاء مجلس النواب المتهم بالوقوف خلف تلك الجريمة والمحكمة بانتظار رفع الحصانة عنه لاستكمال الإجراءات التحقيقية بحقه”.
وتعود حيثيات القضية إلى إحالة وزارة التربية العراقية عقد تأمين صحي لمجموعة من المستثمرين اللبنانيين بوساطة سياسيين ومسؤولين بالوزارة، حيث يتم اقتطاع مبلغ 3500 دينار (نحو 2 دولار ونصف) من موظفي الوزارة شهرياَ، مقابل تأمين صحي للموظفين، من دون وجود البنى التحتية لهذا التأمين، إذ لا توجد مستشفيات في العراق اعتمدت الشركة أو تعاملت معها، كما أنه لم يتم منح الموظفين أي شيء يتعلق بالتأمين حتى على مستوى بطاقة التأمين نفسها، وتبلغ قيمة العقد 41 مليار دينار عرقي (نحو 35 مليون دولار).وبحسب عضو في البرلمان العراقي، فإن “الصفقة كشفت تفاصيلها على ضوء خلافات سياسية لم تحل بين الشركاء”، وفقاً لتعبيره، مبيناً في حديث لـ”العربي الجديد” أن مجموعة المستثمرين اللبنانيين غادرت العراق مع جزء من المبلغ، وبعد البحث والتقصي تبين أن هؤلاء المستثمرين عملوا مع وزارات أخرى ومؤسسات مختلفة، ويمتلكون علاقات وطيدة بشخصيات سياسية تسهل لهم أعمالهم في بغداد.
مجموعة المستثمرين اللبنانيين أنفسهم تبين أن لها عقداً آخر بنفس التفاصيل مع مؤسسة حكومية أخرى
ولفت إلى أن “أولويات العقد تعود إلى ما قبل وجود الوزيرة الحالية، لكن تم تمريرها في زمنها، كما أن هناك شخصيات رفيعة في الوزارة وأخرى سياسية متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال تسهيل عمل المجموعة اللبنانية التي تبين أنهم لا يملكون أصلاً حساب تأمين في البنوك العراقية، وغير معروفين من قبل في مجال قطاع التأمين، لا في لبنان ولا أي بلد آخر”.
وأكد المصدر ذاته أن مجموعة المستثمرين اللبنانيين أنفسهم تبين أن لها عقداً آخر بنفس التفاصيل مع مؤسسة حكومية أخرى.