وجوه لا تغيب: الدكتور مصطفى محمود.. رحلة عالم
أشياء كثيرة تستوقف القارئ والمستمع عندما يذكر اسم الدكتور مصطفى محمود العالم الطبيب والفليسوف المفكر والأديب الكاتب الصحفى.. الذى ترك 89 كتاباً و400 حلقة تليفزيونية مصحوبة بـ «الناى الحزين» فى حلقات «العلم والإيمان».. معاركه الأدبية والفكرية وما أثاره فى مسيرة حياته منذ مولده فى شبين الكوم بالمنوفية وانتقاله إلى طنطا حيث يعمل والده فى حياة بدأت فى 25 ديسمبر عام 1921 حتى وفاته فى 31 أكتوبر 2009 التى مرت أمس الجمعة ذكرى وفاته الـ15 ومع نعومة أظافره فى مدينة السيد البدوى تأثر كثيراً بالطرق الصوفية ومزارات أولياء الله الصالحين التى امتدت إلى سيدى شبل فى الشهداء بالمنوفية مسقط رأسه وإلى سيدى إبراهيم الدسوقى فى كفر الشيخ وغيرها.. تجربته من الشك إلى اليقين تمحورت حول الدين والفلسفة التى تبحث فى جواهر الأمور الروحية والباطنية ولا ترضى بالتسليم أو الخضوع وإخماد جذوة العقل واليقين.
حياته امتدت نحو 88 عاماً من «1921ــ 2009» وتأثر فى فترة منها بالوجودية وسارتر ليدخل بعد ذلك غرقاً فى القراءة والبحث والتأمل مع النفس فى محاولة الوصول فى صفحات الفكر إلى اليقين.. تعمق فى البوذية والزراديشتية والهندوسية وتصوف الهندوس.. مر بفترة شك واضحة كانت لها مساحة عميقة فى تفكيره.. وفى البحث عن الإدراك الصحيح صنف كمفكر دينى وفيلسوف ويعبر عن نفسه ومكنوناته بالكتابة الصحفية العميقة.
حياته الخاصة ومرض وإصابة والده بالشلل 7 سنوات جعله حريصاً على الالتحاق بكلية الطب لكى يقدم الخدمة الإنسانية للبسطاء خاصة فى الريف الذى تأثر به كثيراً رغم أن والده لم يكن يعمل بالزراعة بل كان يعمل بوظيفة إدارية بمديرية الغربية.. وكان هو نفسه مريضًا.. ومع دخوله كلية الطب بعد حصوله على الثانوية متفوقاً من مدينة طنطا بمدرستها الثانوية.. ومع دخول الكلية بدأ فى ممارسة الكتابة إضافة إلى إجادته العزف على الناى.. أفكاره وكتبه جعلته يصطدم مع الجماعات الإسلامية وأحلوا دمه.. عناوين كتبه كلها لا يوجد واحد منها لم يثر أزمة أو جدلاً خاصة الإسلام فى خندق والشفاعة والإسلام السياسى والله والإنسان وبينها ما سطره تحت عنوان «حوار مع صديقى الملحد» الذى أثار زوبعة كبيرة عندما تناوله فى مجلة روزاليوسف التى ارتبط بها صحفياً.. لم تكن رحلته من الشك إلى اليقين سهلة بل مملوءة بالمواجهات على أكثر من جبهة حالها أشبه بالحظ السيئ وكأنه يقول ما قاله الشاعر السودانى إدريس حجاج حظى كدقيق فوق شوك نثروه.. وقالوا لحفاة يوم ريح يلملمونه.. ومن هنا كان حزيناً دائماً رغم بشاشة وجهه.. واهتمامه بالشعر وكتابة المسرحيات فهو كما يصفه المقربون يرى بقلمه ويواجه بقلمه كالسهم فى الاتجاهات فقد تحدث و
تكلم عن الحرية والحياة والموت والخير والشر وفى فترة من حياته بسبب آرائه كان منتقداً من الجماعات الإرهابية فى نفس الوقت أيضاً المنظمات اليهودية بسبب آرائه الجريئة فقد امتلك عمق العالم وجرأة وصراحة رجل الدين بصوت فلسفى هادئ لا يعرف التعصب ولا التطرف لدرجة أن كتاب «الشفاعة» صدر 14 كتاباً للرد عليه.. وفى الوقت الذى وقف مفتى الديار الأسبق نصر فريد واصل للدفاع عنه وعن أفكاره.
إنه مصطفى كمال محمود حسين الذى بدأ رحلته من الشك إلى اليقين وعزله المرض فى غرفة المستشفيات فى شبابه.. ولا نبالغ بالقول إن الألم كان الأب الحقيقى الذى فجر مواهبه والذى صقله وفجر الحس الدينى داخل مفكر ظهر لعقود كأداة للتنوير والصحوة والتأمل الإلهى.. رحلته للشك أعطت انطباعاً لجيلى على الأقل أن رحلته للإيمان ليست بسبب أفكار أو كفر ولكن كانت إعادة الرؤية بمنطق دون النظر إلى مسلمات موروثة.. وما يؤكد صدقية توجهه وتحمله افتراءات البعض أن رحلته انتهت بإيمان عميق وعقيدة راسخة كان يحسها ويلمسها من يشاهد برنامجه «العلم والإيمان» بمقدمته الهادئة وموسيقى الناى الحزين الذى عشقه وأصبح مقدمة مفضلة لكثير من البرامج تميزه الأذن عند الساعة التاسعة والنصف مساء يوم اذاعته فى منتصف الأسبوع.. لمع د.مصطفى محمود ككاتب وصحفى لكن يظل برنامجه له رصيد صنع نجوميته الفضائية.
وجاء دوره فى اختيار الطب كدراسة لشعوره أنها ترضى فضوله ويعكس حبه للعلم خاصة أن صحته معتلة مما جعله يعيش فى المستشفى عامين وهذا الاعتكاف الطبى جعل منه فنانًا وأديبًا وصادق محمد عبدالوهاب وحليم وأم كلثوم وسعاد حسنى.. وكان عبدالوهاب أحد الذين توسطوا لدى صديقه الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين لكى يقبله متدرباً فى دار روزاليوسف.
د.مصطفى محمود عندما انتقد اليسار أصدر عدة كتب منها أكذوبة اليسار الإسلامى والماركسية والإسلام.. وأعطى إجابة مهمة فى كتابه لماذا رفضت الماركسية.. المسيخ الدجال.. سقوط اليسار.. ومع السينما والمسرح قدم الزلزال، والإنسان والظل، والإسكندر الأكبر، والمستحيل، والزعيم، وأنشودة الدم، وشلة الإنس، والشيطان يسكن فى بيتنا.. كانت صداقته الكبيرة بالسادات مرحلة مهمة فى رفض أن يعين وزيراً للصحة أو الثقافة أو رئيسًا لمؤسسة صحفية لأنه كان يريد أن يظل حراً معتمداً على رصيده الأدبى.
النشأة والدراسة
نعود إلى نشأته نجد أن العقبة الأولى بعد ولادته كانت انتقال والده للعمل بمديرية الغربية وهناك بدأ يتشكل الطفل مصطفى.
مع التفوق الدراسى وحرص والده على تفوقه قبل وفاته عام 39 مع بدء الحرب العالمية الثانية كانت الأسرة كلها تدلل الابن مصطفى آخر العنقود ولا يرفضون له طلبًا.. ومع نجاحه دخل كلية الطب وسط أسرة تزوج الوالد ٣ مرات الأولى توفت والثانية انفصل عنها والثالثة والدته كانت أيضاً متزوجة قبل والده بزوج آخر ولها منه أولاد، ووالده كان معروفاً بطيبة القلب وضم أولادها لأولاده ونشأ بين إخوة أشقاء وغير أشقاء جمعتهم المحبة والوئام فى منزل الأسرة فى طنطا.
المشرحجى
عندما التحق بالكلية دخل على والدته يوماً ومعه جثة ميت اشتراه من «تربى» مما أصاب والدته بصدمة عندما وضع الجثمان فى حجرته.. وليست هذه أول مرة تكتشف الأسرة اهتمامه بالعلم فقد أنشأ معمل صغير لصناعة الصابون والمبيدات الحشرية.. وأطلق عليه رفقاء الدفعة لقب «المشرحجى» نظراً لتواجده طوال اليوم فى الكلية أمام أجساد الموتى.. وكأنه يبحث حول سر الحياة والموت.. وحصل على البكالوريوس عام 1953.
توأم
ولد مصطفى مع شقيق آخر اسمه سعد «توأم» وتأخر تسجيل المولودين 15 يوماً نظراً لأن والدته كان أبناؤها يموتون بعد الولادة فأجل والده تسجيله خشية الوفاة.. وبعد 15 يوماً من ولادته ذهب وسجله وشقيقه سعد الذى توفى صغيراً وبالفعل.
طقوسه فى الكتابة
كان للدكتور طقوس فى الكتابة حيث يضع بجواره مسبحة وعودًا ونايًا وآلة حاسبة ومصحفًا وأمامه التليفزيون وبجانبه نوتة الهاتف.
لم يكن د.مصطفى أول طبيب يلجأ إلى الصحافة وبريقها فقد سبقه يوسف إدريس وحمدى قنديل ونوال السعداوى وأيضاً محمد العزبى وإبراهيم ناجى وكان يجمع بين العمل الصحفى والمستشفى «أم المصريين» وبدأ من باب القصة والشعر ثم تولى فى روزاليوسف باب المشاكل العاطفية «اعترفوا لى».
زواج من قصاصة بريد
كما يقول الكاتب الراحل لويس جريس ارتبطت به فتاة «سامية» بعد أن أسند إليه الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس بابًا للشباب «اعترفوا لى» التى صدرت فى كتابه يتلقى من خلاله الرسائل العاطفية والعائلية ومن بين الرسائل نفسها «سامية».. وحدث بينهما اتصال وطلب مقابلتها كما طلبت هى أيضاً اللقاء عندما حدد اللقاء كان المكان المقترح صيدلية «بليغ» بالجيزة على أنها تشترى دواء ويدخل ويراها ودخلت من باب وخرجت من الآخر دون أن يلتقيا ولم يتعرف عليها.
وعاودا الاتصال معاً مرة أخرى ردت عليه كفتاة شرقية عليك أن تأتى من الباب ليلتقى مع والدها.. وهنا أقنعه الراحل لويس جريس بالموافقة لأنهما كانا يسكنان بجوار بعضهما فى ٣ شارع مراد الجيزة.. ويوم الذهاب لمنزلها كان متردداً مما أزعج صديقه لويس جريس وأقنعه أنه من أجل الفتاة لابد أن تذهب لمنزلها وليلة الذهاب تردد وقال هذا الزواج لن ينجح لأن فارق السن كبير هى فتاة عشيرينية وأنا تخطيت الأربعين.. وأقنعه – كما يقول لويس جريس – وذهبا إلى منزل عروسه فى ذلك الوقت وبدأت الحياة تسير وسعد بها أصدقاؤه خاصة عبدالوهاب وحليم وسعاد حسنى.
يقول لويس لقد كان مسروراً جداً عند إنجابه لأولاده أمل وأدهم وكنا نرى السعادة فى عينيه وبشاشته فى المصايف التى كانا يذهبان إليها خاصة فى مرسى مطروح مصيفه المفضل.. وعندما انفصلا بهدوء حاول -والكلام للويس جريس- أن تعود الحياة بينهما لكنه فشل وذلك عام 1973 وقالت له كلمة مهمة عرفت رجل واحد مصطفى محمود، وتزوجت رجلاً واحدًا مصطفى محمود وسأفضل لآخر يوم فى حياتى هكذا كانت وفية له ولمكانته.
سناء جميل
وربما لا يعرف أحد أن مصطفى محمود كان أحد الأسباب التى دفعت لويس جريس للزواج من الفنانة القديرة سناء جميل.
وفى حياة الدكتور مصطفى زيجة ثانية لم يكتب لها النجاح أيضاً وهى السيدة زينب حمدى ابنة الفنان التشكيلى حسين حمدى وكانت تعمل مأمورة ضرائب واستمرت حياتهما الزوجية ٤ سنوات وقالت فى أحد أحاديثها الصحفية تزوجنى بأغنية لمحمد عبدالوهاب «حبيبى يا للى خيالى فيك» وتم الانفصال بعد رحلة إلى دير سانت كاترين.. وقالت علاقتى بالأسرة جيدة وكنت أعمل معه فى الجمعية.
«عصا» مدرس اللغة العربية
للدكتور مصطفى محمود قصة مع مدرس اللغة العربية فى طنطا عندما ضربه واستشاط غضباً جعله ينقطع عن الدراسة إلى أن نقل المدرس وبعدها عاد مرة أخرى لمتابعة دراسته وهو يكره العنف ويشجع العلم ويجذب التلاميذ إلى العلم كرحلة وليس بالعنف أو الإيذاء البدنى أو النفسى للطالب.
علاقته بالسادات
عندما أصدر كتاب «الله والإنسان» جوبه بمعارضة كبيرة أوصلته للمحكمة فى عهد عبدالناصر وصادرت المحكمة الكتاب.. ومع تولى الرئيس السادات كانت تربطه به علاقة وعندما قابله فى منزله بالهرم عرض عليه أن يتولى وزارة الصحة أو الثقافة لكنه رفض وقال له كلمته «أنا فشلت فى إدارة أصغر مؤسسة وهى «زواجى» وأرفض السلطة بكل أشكالها» وكرر نفس الرفض عندما عرض عليه وزارة الثقافة.
ويحسب للسادات أنه هو الذى أوعز بإعادة طبع الكتاب المرفوض مرة أخرى فى سبعينيات القرن الماضى.. وأصيب مصطفى بحالة حزن واكتئاب عندما اغتيل السادات على يد الجماعة الإسلامية الذين أفرج عنهم السادات نفسه وأخرجهم من السجون والمعتقلات.
شارع محمد على
فى مذكراته لأحد الصحف اعترف بأنه كان يعزف الموسيقى ويحب الغناء لكن صوته ضعيف وأنه اختار الطب لأن الطبيب هو الذى يرى لحظة الميلاد ولحظة الوفاة ولذلك غرس فيه حبه للعلم فكرة التأمل.. وهو كذلك فهو من جيل عمل مع يوسف إدريس ونجيب محفوظ وصلاح جاهين ويوسف الشارونى ومحمود السعدنى وأيضاً مع شباب واعد د.مرعى مدكور ويوسف أبورية إضافة إلى الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين وإحسان عبدالقدوس وغيرهم.. وهو الذى تأثر فى شبابه بالذهاب إلى شارع محمد على للتعرف على عوالمه وأحب أم كلثوم وعبدالوهاب والشيخ محمد رفعت وكان يسعد عندما ينادونه فى روزاليوسف أو صباح الخير بكلمة «صفصف» كما كانوا ينادون على الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس «سو» وكان محباً للسفر وفى إحدى السفريات اختاره وزير الثقافة الراحل يوسف السباعى للسفر معه إلى إفريقيا حيث كان رئيساً لمنظمة الأفروآسيا وبعد المؤتمر سافر إلى جوبا فى السودان والتقى فى مغامرته بالقبائل وعاش وسطهم وعرف عاداتهم ورواها فى متابعاته الصحفية بأسلوبه الرشيق كما صعد إلى جبل كليمنجارو وزار كينيا ونيروبى وتنزانيا وغيرها فقد كان مولعاً بالسفر والرحلات.. من يقرأ اعترافاته يرى أنه ليس لديه ما يخفيه حتى فى علاقاته مع زملائه.
28 عملية جراحية
قصته مع المرض طويلة فقد أجرى فى حياته أكثر من 28 عملية جراحية وتعرض لـ 3 أزمات قلبية وجلطة فى المخ واستئصال لإحدى رئتيه.
وبعد وفاته حرص محبوه على الكتابة لإعادة برنامجه مرة أخرى ليذاع فى التليفزيون معتبرين أن ما تركه من العلم والإيمان يظل كنزاً خالداً يعكس القوى الناعمة لمصر من خلال عالم وطبيب ومفكر.
النازية أوقفته عن الكتابة
كتب مقالاً عن النازية فى صباح الخير فتم وقفه عن الكتابة وجلس فى منزله وسأل عن السبب لكى لا يعود للكتابة مرة أخرى وقال له الأستاذ إحسان أبلغه باقتضاب «خليك فى البيت».
وفى أحد الأيام بعد فترة المنع تحدث إليه الأستاذ محمد حسنين هيكل وقال له ارجع اكتب يا دكتور.. وقال له «أنت استويت» ولم أعرف غلطتى ورجعت للكتابة.. وكتابه الإسلام والماركسية كتبه ووضعه فى «السحارة» مخزن الكتب ولم ينشره إلا بعد تولى الرئيس السادات الحكم وتم إبلاغ الكاتب عبدالرحمن الشرقاوى وصلاح حافظ عبر وزير الإعلام عبدالقادر حاتم بأن الكتاب مهم.
قالوا عنه
إحسان عبدالقدوس
يكتب بلا حساب.. وينشر بحساب وكان مؤمناً بأنه لابد من إعادة كتابة التراث بأسلوب سهل ومبسط يناسب الجيل الجديد.
د. لوتس عبدالكريم
د.مصطفى محمود فنان بالفطرة والفن حين يرتبط بالفلسفة والعلم والدين يصبح مزيجاً رائعاً محبباً من اللغة التى ترتبط بالقلب والمشاعر الجياشة المرهفة.
كامل الشناوى
مصطفى محمود يتصور أن العلم يجيب على كل شىء وعندما خاب ظنه تمعن فى الأديان السماوية ولم يجد فى النهاية إلا القرآن الكريم.
مكرم محمد أحمد
وفاته تفقدنا مثقفاً كبيراً يمتلك تجربة إيمان ممتعة.
أمل مصطفى محمود
تقول أمل ابنة الراحل الكبير: قراراته كانت نابعة من قناعة شخصية.. كان حريصاً على أن يقوم بما يحقق له السعادة سواء وجدها فى الكتابة أو القراءة أو الشعر أو الطب وغيرها.
منير عامر
وقال الكاتب منير عامر إنه آخر فرسان الزمن المحترم جعل مسجده قبلة المحتاجين والباحثين عن الإيمان والدين الحق.
المسجد والجمعية
اعتبر الراحل الكبير د. مصطفى محمود الذى تمر هذه الأيام 103 أعوام على مولده أن فكرة المسجد والجمعية هما أفضل انجازاته وهو المشروع التطوعى الذى اعتكف له وسكن بجواره وداخله فى غرفة بسيطة لكى يراه هكذا معلماً «قاهرياً» فى المهندسين على مرمى قدم من شارع البطل أحمد عبدالعزيز ويطل على شارع جامعة الدول العربية أشهر شوارع القاهرة الكبرى.. فكان عبقرياً فى اختيار مكان يقترب من الزمالك والدقى والمهندسين وبدأ بمبلغ 5 آلاف جنيه مع مجموعة من أصدقائه عام 1976 وتم رويدا رويدا يظهر بناء المسجد والجمعية الخيرية والميدان الذى يخطف أنظار من يزور هذه المنطقة القريبة أيضا من نادى الزمالك.. واليوم يضم 6 مستشفيات وبعد تجربة مهمة للعمل الأهلى التطوعى الذى يتميز به شعبنا العظيم.
وداعه
كان خبر وفاته صدمة لمحبيه باعتباره فى نظرهم أنبل العلماء وتحمل تلاميذه الكثير من ضربات النقد وآلام المرض.. وكان مشهد وداعه فى مسجده يعكس أن زراعته مثمرة من حشود المودعين من البسطاء والمواطنين العاديين الذين زحفوا إلى المسجد مبكراً لوداعه ولما لا وهو طبيب الغلابة من جمعيته والبسطاء.. كما حضره العديد من الوزراء والمسئولين فى ذلك الوقت والسابقين وعدد كبير من أهل الفن فقد ودعوا قامة وقيمة مصرية تسلحت بالعلم والإيمان.