الأخبار الآنمزيكا

سيد درويش وأم كلثوم وليلى مراد وإبراهيم حمودة  وكارم محمود وهدى سلطان وأسمهان بدأت شهرتهم فى المقاهى

المقهى هو كلمة السر فى حياة كبار الموسيقيين فى مصر حيث بدأ معظمهم بالغناء والتلحين وتقديم الفقرات الغنائية على مقاهى القاهرة والإسكندرية وبعض مقاهى الأقاليم فى طنطا والمنصورة وبورسعيد والإسماعيلية.

وكان المقهى  كذلك ـ هو وسيلة التعارف والتلاقى بين رواد النهضة الموسيقية .. ونستطيع أن نعتبر سيد درويش فى مقدمة الفنانين الملتزمين سواء بألحانه الوطنية أو بغنائيات الطوائف عمال وفلاحين ومواكبة الأحداث كإضراب الموظفين وغيرها.. بالإضافة إلى صدق التعبير فى المسرح الغنائى بل وفى الألحان العادية التقليدية العاطفية فى كافة قوالبه الموسيقية الشرقية. عندما ولد سيد درويش كان الغناء فى عصره ارستقراطيا منعزلا عن الغناء الشعبي، يستعلى عليه ويرفضه، ومات السيد درويش بعد أن حقق امتزاجا خاصا بين الموسيقى الفنية والشعبية، قرب بين فن الخاصة والعامة،

ورفع صوت طوائف الشعب فى الموسيقى».

على مقهى «شيبان» بشارع التتويج بجوار حلقة السمك القديمة بالإسكندرية فى عام «1191» سمع الشيخ سلامة حجازى «2581 – 3291» المطرب الشاب سيد درويش البحر «2981 – 3291»، فأعجب بصوته ونصحه بالسفر إلى القاهرة والغناء على مسارحها الشهيرة وقتها فى «عماد الدين» وكان درويش آنذاك فى بداية مشواره الفنى بعد أن صقل موهبته بحفظ ألحان الشيخ سلامة حجازى على يد الشيخ حسن الأزهرى والشيخ أحمد ندا «جد المطربة شريفة فاضل والمعروف أن اسمها الحقيقى هو فوقية محمود أحمد ندا» وكذلك ما كانا ينشدانه من السيرة النبوية وما إليها من القصائد والتواشيح.

وكان درويش قبل لقاء الشيخ سلامة حجازى قد تعرف على الشقيقين سليم وأمين عطالله عام «9091»، واللذين استمعا إليه صدفة ـ وكان يعمل وقتها ـ مناولا لبيّاض محارة فأخذ يغنى للعمال، فأعجبا بصوته الشجي، وأخذاه إلى سوريا فى رحلة فنية، وبعد أن أمضى عشرة أشهر فى هذه الرحلة مع فرقة «سليم وأمين عطالله» عاد إلى الإسكندرية ـ مرة أخرى  لأنه كان عليه أن يرعى والدته وزوجته وابنه الصغير محمد البحر «وكان درويش قد تزوج وعمره ستة عشر عاما» فعمل كاتبا بمحل لتجارة الأثاث، لكن بعد فترة قصيرة عاوده الحنين إلى الفن فغنى فى بار كوسى ثم فى مقهى شيبان وبحسب ما أورده صبرى أبو المجد فى كتابه «زكريا أحمد» والصادر عن وزارة الثقافة والإرشاد القومى عام «3691»، فإن الشيخ زكريا أحمد قد سمع بأن هناك موسيقيا ذاع صيته فى مقاهى الإسكندرية اسمه سيد درويش حيث «نقل السميعة إلى الشيخ زكريا بعض أعمال الشيخ سيد ففتن به، وقرر أن يسعى إليه فى الإسكندرية لينعم بسماعه.. كان سيد درويش وقتئذ يغنى فى أحد المقاهى البلدية مقابل خمسة عشر قرشا كل ليلة، فلاحظ أحد أصحاب الملاهى الأجنبية بميدان المنشية أن الموسيقار العربى يجتذب الناس من كل حدب وصوب، فأرسل يعرض عليه الغناء فى ملهاه مقابل ثلاثة جنيهات ذهبية كل ليلة، فرفض سيد درويش وبرر رفضه بأنه ينسجم فى الغناء بين أبناء البلد لأن هناك تجاوبا بينه وبينهم.. ولكن صاحب الملهى وسط لديه الشيخ زكريا، وكان قد أصبح من المقربين إليه، فمازال به حتى قبل وذهب إلى الملهى وغنى ليلة ونجح فيها نجاحا مبهرا، لكنها كانت الليلة الأخيرة حيث رفض سيد درويش أن يغنى فى ملهى بعد ذلك، وقال إن الإعجاب الذى أحاطه به المستمعون لم ينفعل به ولم يشعر بأى أثر فى نفسه ولذلك فضل أن يعود إلى المقهى البلدى الذى يتقاضى منه «51» قرشا على أن يغنى فى الملهى الأجنبى الذى يدفع كل ليلة ثلاثة جنيهات ذهبية».

أنا مالى هية اللى قلتلي

وتجاه هذا الموقف المنحاز إلى قيمة الفن كرسالة ما كان من الشيخ زكريا أحمد إلا أن ذهب إلى الإسكندرية مرة أخرى  بعد أن سمع هذه القصة ـ كما يروى الكاتب محمود السعدنى فى مقال نشر بمجلة «روزاليوسف» عام «1953» أكد فيه أن زكريا أحمد هو أول من اكتشف سيد درويش، وهو الذى أتى به إلى القاهرة كما فعل قبل ذلك مع أم كلثوم فيقول السعدنى فى مقاله:

«ذهب الشيخ زكريا إلى كوم بكير، واخترق الأزقة المظلمة والحارات الموحلة حتى وصل إلى ملهى الشيخ سيد درويش.. وعندما دخل الشيخ زكريا الملهى فوجئ برجل عريض طويل، يرتدى ملابس المشايخ ويجلس بين أفراد التخت يغنى فى عصبية، بينما المستمعون منصرفون عن غنائه إلى الطاولة والكوتشينة وكان الشيخ سيد يغنى لحنا بسيطا عميقا جليلا:

أنا مالى هية اللى قلتلي

روح اسكر وتعالى ع البهلي

وكان أبرز ما فى اللحن بساطته، يمكن أن يغنيه كل إنسان من سيد درويش إلى صبى المقهي، وعندما انتهى سيد درويش من الغناء نظر الشيخ سيد إلى زكريا وقال فى صوت رهيب:

ـ قوم بينا….

وقام الشيخ زكريا مع الشيخ سيد ودخلا بيتا وصعد إلى الدور الرابع وعلى ضوء الكلوب الباهت راح الشيخ سيد يغنى أحدث ألحانه، وتاه الشيخ زكريا فى غيبوبة ونطح الحائط برأسه أكثر من مرة، ثم أفاق من غيبوبته على ضوء باهر، فظن أن الشيخ سيد استعان بكلوب آخر، ولكنه فوجئ بالشمس تطل عليه من الأفق، وأنه قضى مع الشيخ سيد عشر ساعات كأنها عشر دقائق ولا تزيد..!

ولم يبت الشيخ سيد بالإسكندرية بعد ذلك، هجر كوم بكير وجاء مع زكريا أحمد إلى القاهرة وقدمه إلى متعهد فنانين يدعى سى محمد عمر كان يحيى ليالى رمضان بأحد مسارح عماد الدين بكبار المنشدين والمغنين أمثال محمد عثمان وصالح عبد الحى والشيخ يوسف المنيلاوي.

لكن درويش لم يستمر معه كثيرا فعلى حد ما أورده محمود السعدنى فى مقاله السابق ذكره: فإن محمد عمر هذا ناول سيد درويش خمسة عشر جنيها ذهبية كأجر فى أخر الليل فألقى درويش بها على الأرض بعد أن قذفها فى وجهه ولطش محمد عمر قلما وضربه بعصاه الغليظة على رأسه، وقال فى ثورة عنيفه:

ـ بأه تدى ابن عبدالحى «يقصد صالح عبد الحي» 100 جنيه وتدونا خمستاشر.

وعاد سيد درويش ـ كما يقول السعدنى  إلى كوم بكير يعمل بـ15 قرشا كل ليلة! ولكن زكريا أحمد ذهب إلى كوم بكير مرة أخرى وعاد به واشتغل سيد مع نجيب الريحانى وقبض «1000» جنيه ذهبا فى شهر واحد وأنفق كل ما ربحه حتى آخر قرش.

ولا عجب من هذه القصة، فهذا قدر المتمردين، وسيد درويش بفنه المتجاوز ورؤيته التجديدية وصيغه الموسيقية المبتكرة التى أهلته ليكون «فنان الشعب» كما يلقبه الكثيرون، هو ابن ذلك الشعب بناسه وشوارعه وحواريه ومقاهيه، كان يؤمن أن الفن رسالة وطنية ونهضوية وتنويرية، وقد صدق الأستاذ «أنيس منصور» حين قال ذات يوم ـ فى أحد مقالاته:

«كلما أحس المصرى بأنه فى خطر تمسك بأرضه وعرضه وأعطى حنجرته للسيد درويش ليقولا معا بلادى بلادي، إن السيد درويش هو إيريال عال لمحطة إذاعة وطنية تردد نشيدا واحدا من أجل مصر، ولعل هذا ما حدا بالزعيم محمد أنور السادات أن يختار هذا النشيد شعارا موسيقيا غنائيا كسلام فى عهد السلام».

وهذا المعنى هو ما أشار إليه الناقد الموسيقى عبد الحميد توفيق زكى فى كتابه «أعلام الموسيقى المصرية» حين قال:

لقاء السحاب

كذلك كان «المقهي» أول مكان يلتقى عليه الملحن المجدد محمد القصبجى مع سيد درويش ـ رائد المسرح الغنائى  فمن الصدف الغريبة أن يولد الفنانان الكبيران فى عام واحد وهو عام «1892».

كان القصبحى  رغم طبيعته الانعزالية ـ من رواد مقهى البوسفور حيث كان يغنى سيد درويش فى بداية مشواره الفنى فى القاهرة والتقى به القصبجى وتعرف عليه، وتوطدت العلاقة بينهما عام «1921»، وكان سيد يغنى موالا يقول فيه:

لك خال على الخد يعجبنى أنا وغيري

ولحظك اللى جرح ياما جرح غيري

واللى انضنى بالجفا برضه مافيش غيري    

امتى تجود وتسمح لى بلثم الخال

افرح واقول ياهنايا فى بعاد غيري

وعلى حد تعبير الناقد والمؤرخ الموسيقى محمود كامل فى كتابه «محمد القصبجى حياته وأعماله» والصادر عن الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر عام «1791».. فإن «سيد درويش كان يستهل وصلته الغنائية عادة من مقال النكريز بهذا الموال، ثم يغنى بعده دوره المعروف:

ياللى قوامك يعجبني… ليه بس ترضى لى صدودك

وحين طرب «القصبجي» من غناء درويش أخذ عوده وراح يرد عليه ببعض ألحانه الشجية التى انبهر درويش بها ايضا.

وكان القصبجى أحد رهبان الفن، رغم أنه أحاط حول حياته الشخصية سياجا كبيرا فقضى أوقاتا قليلة على المقاهي، إلا أنه ـ خاصة ـ فى مرحلة البدايات الفنية كان يرتاد بعض المقاهى لمقابلة الموسيقيين خاصة مقهى «التجارة» لدرجة أنه استأجر مسكنا متواضعا فى إحدى الحارات المتفرعة من شارع محمد على اسمها حارة «قلعة الكلاب» بإيجار شهرى قدره سبعون قرشا وترك منزل والده الذى كان يقيم فيه بشارع باب الوزير بقسم الدرب الأحمر، واستقل بحياته، حيث عمل مطربا فى الأفراح، وأحيانا كان يعطى دروسا خاصة فى العزف على العود والقانون والكمان، وكانت حصيلة هذه الدروس تتراوح بين جنيه وجنيهين شهريا هذا إذا كان الدرس فى منزله هو، أما إذا انتقل هو إلى بيت تلميذه، فإن القيمة ترتفع إلى خمسة جنيهات شهريا.

توحيدة أنقذته

وذات يوم والقصبجى يجلس على مقهى «التجارة» شاردا يفكر فى تصاريف الحياة، وهل يكمل طريق الفن الذى بدأه فى سن صغير، وبين أن يرجع إلى حضن أبيه وإلى وظيفته كمدرس.

وبينما هو كذلك إذا به يلمح عازف الناى «عبده صالح» الذى عرض عليه أن يقدم للمطربة توحيدة وكانت من المطربات الشهيرات وتعمل بصالة «ألف ليلة وليلة» بميدان العتبة الخضراء والتى كان يعمل وراءها تخت كبير يضم عطية عمر عازف قانون، وعازف الكمان أحمد غنيمة، وعبده صالح، عازف الناي، فأسمعها القصبجى دور «الحب له فى الناس أحكام» فأعجبت به، وغنته فى الصالة، وكان هذا اللحن بداية الخير والشهرة للقصبجى الذى تهافتت على ألحانه كبرى شركات الأسطوانات وقتها ومنها «أوديون» و»بيضافون» و»جرامفون» والتى تعاقدت معه على تسجيل ألحانه بأصوات كبار المطربين والمطربات أمثال «نعيمة المصرية، وأمين حسنين، وسيد الصفطي، ومحمد نور ـ والد عازف الناى الراحل محمود عفت، وعلى عبد الباري، ومحمد نديم، وسكينة حسن ورتيبة أحمد».

«شال الحمام ـ حط الحمام»

وكان أول ألحانه المسجلة هو دور «الحب له فى الناس أحكام» الذى غنته المطربة توحيدة قبل ذلك فى صالة «ألف ليلة وليلة» إلا أن الذى سجله هو المطرب زكى مراد «والد الفنانة المطربة ليلى مراد».

وبعد أن تيسر حال القصبجى ماليا انتقل إلى المنزل الذى استأجره فى باب الخلق والمكون من ثلاثة طوابق.

وأراد أن يطور فى بنية اللحن فاتجه إلى «الطقاطيق» الخفيفة فكتب له الشيخ يونس القاضى طقطوقة:

«بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة»

وطقطوقة:

«شال الحمام ـ حط الحمام»

وأراد الاثنان أن يسوقا للأغنية الجديدة فقاما بجولة فى المقاهى المتناثرة على جانبى شارع الأزبكية وعماد الدين مثل مقهى «إلياس والبسفور والبيجو والمونت كارلو» وكانت المطربات الشهيرات وقتها يعملن فى هذه المقاهى مثل «نعيمة المصرية وعزيزة فخرى وشمس قدرى ورتيبة أحمد وملك محمد» والتى اختارت لحن «بعد العشا» وأخذت تغنيه فى صالة مقهى «المونت كارلو» وراجت الأغنية فطلبته شركة البيضافون وتعاقدت معه على تسجيلها هى وغيرها من الطقاطيق مقابل أجر قدره خمسة جنيهات للملحن، وجنيهان للمؤلف.

وكان المقهى فاتحة السعادة والشهرة لصاحب «رق الحبيب» و»يا فايتنى وروحى معاك» و»يا قلبى أصبر على دى الأسية» و»امتى حتعرف امتي» و»صباح الخير ياللى معانا» و»نورك يا ست الكل», وغيرها من مئات الألحان والطقاطيق بأصوات أم كلثوم وليلى مراد وإبراهيم حمودة وكارم محمود وهدى سلطان ونازك ومنيرة المهدية وأسمهان وغيرهم من كبار المطربين والمطربات.

وقبل ذلك ـ أيضا ـ بسنوات طويلة كان المقهى هو كلمة السر فى حياة المطرب الكبير عبده الحامولى «1836 – 1901» والذى جاء من طنطا هاربا من والده الذى كان يتمنى أن يسلك ابنه طريق العلم أو يعمل معه فى تجارة البن، لكن نداء الفن كان أقوي، فبدأ الحامولى بالغناء فى مقهى «عثمان أغا» بغابة الأشجار بحديقة الأزبكية، وبدأ فى تكوين تخت خاص له ضم مجموعة من أهم العازفين ومنهم «محمد العقاد الكبير ـ أشهر عازف آلة قانون ـ ومحمد الحمركشى على آلة الناي، وإبراهيم سهلون على الكمان، ومحمد كامل الرقاق ـ إيقاع»، ومن هذه المقهى الصغيرة ذاع صيت الحامولى حتى وصل إلى الخديوى إسماعيل الذى طلب الاستماع إليه فأعجب به وألحقه بحاشيته، بل كان يصحبه فى رحلاته إلى الخارج خاصة فى زياراته للأستانة، وبذلك تهيأت للحامولى فرصة عظيمة لكى يطلع على التراث الموسيقى فى تركيا، وعند عودته بدأ يقدم مجموعة من الألحان التى مزج فيها بين الموسيقى الشرقية العربية والموسيقى التركية ومنها ألحانه الشهيرة «الله يصون دولة حسنك» و»كنت فين والحب فين» والذى شارك فى لحنه مع إسماعيل باشا حافظ والد الفنانة بهيجة حافظ.

مقاهى أم كلثوم

وفى شارع «أحمد عرابي» بوسط القاهرة يقع مقهى «أم كلثوم» والذى أخذ شهرة واسعة خلال النصف الثانى من القرن الماضي، والناظر إليه لأول وهلة يلمح طابعا مختلفا يميز هذا المقهى عن سائر المقاهي، لأنه أشبه بالمتحف الذى يضم مقتنيات كوكب الشرق «أم كلثوم» والتى جُمعت فى صندوق زجاجى أنيق ومنها «مناديلها التى كانت تمسكها فى يدها وهى على المسرح وكذلك نظاراتها الشخصية.. وغيرها»، كما يتوسط المقهى تمثال صغير عبارة عن رأس منحوتة لأم كلثوم صنع من الجرانيت، بالإضافة إلى صور مختلفة تزين حوائط المقهى لمراحل متنوعة من حياة كوكب الشرق، ومنها صورها مع رؤساء وزعماء الدول العربية والأجنبية وكبار الفنانين أمثال محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وفيرزو ومحمد الموجى وبليغ حمدى وسيد مكاوى محمد القصبجي، ورياض السنباطي، وصور أخرى لها مع فرقتها الموسيقية، بالإضافة إلى صور متفرقة لبيرم التونسى وسيد درويش وغيرهم من رواد الفن والأدب.

وقد سمى المقهى بهذا الاسم بناء على طلب المطربة الراحلة أواخر الأربعينيات من القرن الماضي.

وأهم ما يميز المقهى التسجيلات النادرة لأم كلثوم بالإضافة إلى أغانيها الشهيرة التى تملأ أجواء المكان، كما يختلف عن باقى المقاهى بأنه لا يقدم الطاولة أو الدومينو، وإن كان يقدم الطلبات المعتادة كالشاى والقهوة وعصائر الليمون والفراولة وغيرها.

وكانت أم كلثوم قد اعتادت أن تجلس عليه بعد أن تنتهى من بروفاتها وحفلاتها بمسارح القاهرة لتتناول قهوتها وكان يصاحبنا ـ فى فترة الستينيات ـ الملحن كمال الطويل.

وعلى بعد «500» متر من هذا المقهى يوجد مقهى أخر بشارع سراى الأزبكية تعلوه لوحة كبيرة مكتوب عليها «مقهى سيدة الغناء العربي» تزين جدرانه صورة عملاقة لكوكب الشرق فى مواقف مختلفة تسجل لقاءاتها مع الرئيس جمال عبدالناصر والعندليب عبدالحليم حافظ. أما طاولات المقهى فذات طبيعة متميزة وقد صنعت من النحاس وزينت بنقوش بارزة لصورها وهى تمسك بمنديلها الشهير.

ولا يقتصر الاهتمام بكوكب الشرق فى مصر وحدها فقد أطلق اسمها على عدد كبير من المقاهى فى العالم العربي، لعل أشهرها المقهى الذى يحمل اسمها فى بغداد والذى يقع فى مدخل شارع الرشيد وكالعادة ـ أيضا ـ يقبع المكان بصوتها القديس من الساعة الثامنة صباحا حتى الحادية عشرة مساء.

وقد تأسس المقهى عام «1968»، وقد أرست إدارة المقهى منهجا مغايرا فى طريقة عرض الأغاني، حيث تعرض الأغانى التى تلائم كل فترة من فترات اليوم، فهناك الأغانى الصالحة لفترة الصباح وأخرى لفترة الظهيرة وثالثة لفترة المساء، وهو ما يجعل المقهى له مذاق خاص عن باقى مقاهى المثقفين فى الطرق مثل ««مقهى عزاوى وياسين عارف أغان وحسن عجمى والبرلمان».

وقد أسس المقهى السيد عبد المعين أحمد الموصلى والذى كان مولعا ومحبا لأغانى كوكب الشرق، ويحتوى المقهى على «55» دكة «كرسى كبير» تكفى لجلوس «165» شخصا، وتزين جدرانه ما يقرب من «80» صورة لأم كلثوم بعضها يجمعها مع مؤسس المقهي، والبعض الآخر مع كبار الشخصيات العربية السياسية والفنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى