فى ذكرى رحيله الـ 20: فاروق يوسف..نجم فكاهى بالفطرة.. حصره المخرجون فى الأعمال الجادة !!
الفنان فاروق يوسف أحد نجوم الفن الذى لم يأخذ حقه فى النجومية والشهرة اللامعة مثل كثير من أبناء جيله، وبرغم موهبته الفطرية فى الأداء التمثيلي، وخفة ظله التى كانت تميزه بين كثير من اقرانه، لكن مجال التمثيل والفن عموماً تجد أشخاصاً لا يمتلكون الموهبة.. ولكن الحظ يمضى معهم، أو أموراً أخرى تساهم فى صعودهم، وفاروق لن يكون الأخير فى سلسلة الذين تم ابعادهم عن التألق والنجومية، سواء كان بفعل فاعل.. أو لظروف أخرى ساهمت فى إيقاف مسيرة التألق وحصرها فى أدوار معينة من أجل آخرين وجدوا معهم مصلحتهم الخاصة، فى الوقت الذى تجد أشخاصاً لا يمتلكون الموهبة .. ولكن الحظ يمضى معهم، أو أموراً أخرى تساهم فى صعودهم!!.
جاءت بداية فاروق يوسف قوية لشاب أنهى دراسته فى معهد الفنون المسرحية، ليجد نجم النجوم ومعشوق الشباب عبدالحليم حافظ يرشحه فى أحد أدوار فيلمه الشهير «أبى فوق الشجرة»، بل ويشارك فى الأوبريت الغنائى الكبير « قاضى البلاج « حيث كان أحد القضاة، وبالرغم من انه جذب الانظار لموهبته وأدائه إلا أنه لم يجد من يمد له يده ليواصل مسيرته الكوميدية، فعمل فى أدوار قصيرة محاولاً أن يضع البصمة، وبعد خمس سنوات ابتسم له القدر عندما منحه المنتج جمال الليثى دور عمره فى فيلم «شياطين إلى الأبد»، ليجد نفسه يلعب لأول مرة دور البطولة أمام نجم الكوميديا عادل إمام الذى انتهى من تثبيت قدمه كنجم كوميدى ترغبه الجماهير، ويتصدر اسمه فى الأفيشات بجوار اسم عادل إمام، ليقدما معاً ثنائياً كوميدياً فى الفيلم لم يحدث من قبل!!.
وبعدما حقق الفيلم النجاح الجماهيرى وارتفاع إيراداته، رأى النقاد أنه من الممكن أن يكونا – عادل إمام وفاروق يوسف – ثنائياً ناجحاً فى السينما المصرية، ولكن الأمنيات أو الرؤى المستقبلية لم تتم، إذ بعد النجاح الكبير للفيلم لم يتقدم احد من المخرجين أو المنتجين بترشيح فاروق يوسف لأعمال كوميدية، إذ إنحصرت أعماله فى الأدوار الثانية الجادة والدرامية، وكأن ما يحدث يتم حسب خطة ممنهجة لإبعاده عن مجال الكوميديا، حتى أن فيلم «شياطين إلى الأبد» لم يعرض على الشاشة الصغيرة إلا مرات قليلة ومنذ سنوات بعيدة!!.
ولد فاروق محمد يوسف فى 28 مارس عام 1943 بمدينة بورسعيد، وعشق الفن منذ طفولته، لذلك جاء إلى القاهرة ليدرس فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وكان من دفعته الفنان الكبير نور الشريف والفنان مجدى وهبة، والمخرج المسرحى شاكر عبداللطيف، إلا أن من كان أقرب أصدقائه ابن بلده الفنان محمود ياسين، وكانت أولى خطواته على الشاشة الصغيرة من خلال المسلسل الشهير «لا تطفئ الشمس» بطولة كرم مطاوع وزوزو ماضي، وهو المسلسل الذى شهد بدايات الفنان صلاح السعدنى وأيضاً صفاء أبوالسعود، وهو المسلسل الذى تم تقديمه فى فيلم سينمائى بطولة شكرى سرحان وفاتن حمامة، كما أعيد إنتاجه كمسلسل منذ سبع سنوات لعبت بطولته الفنانة ميرفت أمين.
جاءت وفاة فاروق يوسف فى مشهد مأساوى درامي، حيث كان بصحبة زميله وصديقه الفنان محمد جبريل – ولم تكن سيارته معه – فقام جبريل بتوصيله إلى أول كوبرى غمرة لكى ينتقل فى سيارة أجرة إلى استديوهات صوت القاهرة بالعباسية لتصوير أحد أعماله، وبمجرد نزوله من السيارة فوجئ بسيارة أخرى مسرعة تصدمه صدمة قوية وتطيح به إلى رصيف الاتجاه الثانى من الكوبرى وتفر بعيداً، لينتقل إلى مستشفى 6 أكتوبر بحى الدقى محطماً، حيث كسرت ساقه وذراعه، وفى اليوم التالى اكتشف الأطباء بوجود ارتشاح دموى على الرئة بسبب الصدمة العنيفة التى تلقاها من السيارة مما ساهم فى وفاته الســريعة بعـد 24 ساعة من الحادث الأليم، وغداً السبت يمر على رحيله 20 عاماً حيث توفى فــى 21 ديسمبر 2004 عن عمر 61 عاماً.
تميز فاروق يوسف بطيبته وبخفة دمه وحسه الفكاهى وتلقائيته فى إلقاء الأفيهات الطريفة، كما كان من الشخصيات المثقفة يقرأ كثيراً لكبار الكتاب، كما تميز أيضاً بحفظه للقرآن الكريم كاملاً، وكان قارئاً أيضاً للتوراة والإنجيل، وعندما أراد الزواج اختار سيدة من خارج الوسط الفنى هى السيدة سهير الجميل، والتى توفيت بعده بسبع سنوات – عام 2011 – وأنجبت له ابنتين أمانى التى عملت لفترة فى مجال الفن ولكنها اعتزلت مبكراً لتتفرغ لأسرتها وتربية أبنائها، والثانية منال والتى عملت فى مجال الإعلام.
(180عملاً فنياً)
جاء رصيد الأعمال الفنية للفنان الراحل فاروق يوسف ما يقرب من 180 عملاً فى مدة 40 عاماُ، ما بين مسلسلات وأفلام ومسرحيات، وتعتبر المسلسلات التليفزيونية هى الأكثر مشاركة حيث وصلت إلى 82 مسلسلاً تليفزيونياً من أشهرها : ألف ليلة وليلة – الأيام – بوابة الحلوانى – هند والدكتور نعمان – القاهرة والناس – غريب فى المدينة – معروف الإسكافى – أرزاق – عطشان ياصبايا – القضاء فى الإسلام – اللقاء الثانى – صابر ياعم صابر – المحطة الأخيرة – أولادى – منشية البكري.
ثم ما يقرب من 50 فيلماً سينمائياً بدأها فى فيلم أبى فوق الشجرة عام 1969 وآخرها فيلم « دكتوراه مع مرتبة الشرف « مع معالى زايد، ومن أهم أعماله السينمائية : شياطين إلى الأبد – أونكل زيزو حبيبى – الكرنك – الجلسة سرية – أنا لا أكذب ولكنى أتجمل – توحيده – الحريف – بياضة – رجل بمعنى الكلمة – الإحوة الغرباء.
إلى جانب أكثر من 20 مسلسلاً إذاعياً وسهرات تليفزيونية، وعشر مسرحيات أهمها : قسمتى – المهزلة الأرضية – أراجوز للبيع – عالم قرود – المشخصاتية – ليلى والمجنون – ومازالت العائلة تنتظر، وآخرها مسرحية « حب وطب ومزيكا « عام 1984 مع وجدى العربي.
تعتبر فترة الثمانينات من القرن الماضى هى الأكثر نضوجاً وعملاً حيث وصلت أعماله الفنية إلى 66 عملاً فنياً، كما أن عام 1989 شهد أكثر عام مشاركة فنية وصلت إلى 13 عملاً، بينها 9 مسلسلات هي: فتى الأندلس – لؤلؤ وأصداف – واحة فى أحضان الجبل – أولادى – المحطة الأخيرة – الكهف والوهم – أهللا يا جدو العزيز – القضاء فى الإسلام – الإسلام وحياة جديدة، وثلاثة أفلام هى : صراع الأحفاد – التراب الأحمر – باب شرق، والمسلسل الإذاعى مصرى فى بلاد بره، أما آخر عمل له فى حياته فهو المسلسل التليفزيونى «الأصدقاء» إخراج إسماعيل عبدالحافظ وبطولة الراحلين فاروق الفيشاوى وصلاح السعدنى ومحمد وفيق عام 2002 أى قبل وفاته بعامين.