الدكتور أحمد لطفى السيد أفلاطون الأدب العربى
العبارة الشهيرة «الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.. مصر للمصريين» ايقونته والتى لا تزال خالدة يرددها الساسة والمفكرون تقود إلى عالمه وشخصيته كرائد من رواد حركة التنوير فى مصر.. مفكر وفيلسوف وسياسى وصحفى وكاتب كبير ورجل دولة وأول صحفى يشغل منصب الوزير فى عدة وزارات ووزيرًا للخارجية ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء.. طموحه كان بلا حدود منذ ولادته فى قريته برقين يوم 15 يناير عام 1872.. أول مدير لدار الكتب والوثائق المصرية وتولى ادارة جامعة القاهرة لمدة 3 سنوات عام 1925.
تولى مجمع اللغة العربية منتخبا لمدة 18 عاما حتى وفاته عام 1963 وكان أول المشاركين فى الوفد المصرى فى المفاوضات مع بريطانيا عامى 1914 و1918 كما شارك مع سعد باشا زغلول فى تأسيس الوفد المصرى عام 1919.. انه استاذ الأجيال الدكتور أحمد لطفى السيد ويكفى أن من أبرز تلاميذه د. طه حسين ود. محمد حسين هيكل وكل عمالقة الفكر الحديث فى مصر يدينون له بكثير من الفضل.. يتميز استاذ الأجيال بأنه رجل كان يعيش فى المستقبل بفكره التنويرى الشامل الذى وصفه تلميذه الأديب الكبير عباس محمود العقاد انه افلاطون الأدب العربى وهو الرجل الذى عرض عليه رئاسة مصر من الضباط الأحرار بعد قيام ثورة يوليو فرفض متفرغا لفكره وفلسفته السياسية.. ويظل لطفى السيد صفحة ناصعة فى تاريخ مصر يحرص على ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية والبعد عن التعصب الدينى منذ ادراكه المبكر فى قريته الصغيرة التى تضم نحو مائة من المزارعين المهرة وهى برقين بالسنبلاوين وليست برقين فى فلسطين وأهل القرية التى ولد بها وهذا قاله فى كتابه القيم حياتى ان أهل القرية متآلفون ومتحابون ويتكلمون العامية القريبة من الصعيد ولا تزال متوارثة فى منطقة السنبلاوين حتى اليوم وبعض مناطق الشرقية القريبة منها ومنذ رحلته فى قريته إلى المنصورة ومنها إلى المدرسة الخديوية بالقاهرة ثم إلى الدفعة الأولى بحقوق القاهرة فى الجامعة المصرية ولم يتخل أبدا عن جذوره التى بدأها فى كنف والده العمدة الذى يحمل أيضاً لقب باشا.. كانت هذه الفترة لها أثرها فى الفتى أحمد لطفى وعاشت معه فترة صباه وريعان شبابه واستمرت حتى وفاته فى عام 1863 بعد أن حاز على جائزة الدولة التقديرية ومنح وشاح النيل من الرئيس عبدالناصر.. ارتبط منذ صغره بالميل إلى العلوم المنطقية والفلسفية ومن هنا ترجم مؤلفات ارسطو إلى القارئ العربى ولقبه المقربون منه بـ«ارسطو مصر» فقد كانت ترجمة كتاب الأخلاق مقدمة لكتاب السياسة بهدف انارة قراء العربية.
ما يميزه انه انصرف إلى العمل الوظيفى فى عدة أماكن من النيابة إلى الجامعة إلى مجمع اللغة العربية وفى محطاته تولى الوزارة عدة مرات بعد ادارته للجامعة المصرية ومن مدير للجامعة إلى وزير للمعارف والداخلية والخارجية.
ونحن نسرد اليوم حياته بعد 152 عاما على مولده و61 على وفاته لكى نقف عند محطات حياته لكونه استاذا ومعلما وباحثا وكاتبا سياسيا ماهرا إلى جانب الأدوار المهمة التى ترك فيها اثرا لاينسى وهنا أود القول لأبناء جامعة القاهرة من الأكاديميين والطلاب والعاملين ان القاعة التى ما زال مجلس جامعتهم يعقد مجالسه العليا بها تحمل اسمه.. هذا تخليد لدوره الوطنى فى تاريخ هذه الأمة التى تحتفى بأبنائها الذين ينقشون على جدار تاريخها بصمات مضيئة من العزة والكرامة والشموخ وقد كان استاذ الأجيال أحمد لطفى السيد علامة مضيئة فى تاريخ مصر وليس بجامعة القاهرة فقط.. فهذا النموذج الوطنى الذى خرج من رحم الريف المصرى ظل وترك أثرا مهما فى جوانب حياتنا تتناقله الأجيال لتحكى قصة اسطورة علمية وتعليمية كانت دائما نظراته للمستقبل لبناء وطن على الوحدة الوطنية والانتماء لتراب مصر ومن هنا عاش خالدا فى عباراته «الاختلاف لا يفسد للود قضية.. مصر للمصريين» سطور ومحطات كثيرة فى حياته نقدمها فى هذه السردية التى تعيد لجيلنا الحالى من هو استاذ الأجيال.
النشأة
فى قرية برقين التابعة لمركز السنبلاوين ولد استاذ الأجيال فى 15 يناير عام 1872 فى الوقت الذى كانت القاهرة قد احتفلت بافتتاح قناة السويس.. كان والده من الأعيان ويشغل منصب العمدة الأمر الذى جعله يهتم بتعليم ابنه فى سنوات التكوين.. وبالفعل اهتم السيد باشا أبوعلى جده مع والده على أبو سيد أحمد الذى اهتم بحفظ القرآن للتلميذ الصغير وفى كُتَّاب القرية الذى كانت تمتلكه الشيخة فاطمة ومكث ست سنوات وكان للشيخة فاطمة فضل كبير فى تنشئته وعندما بلغ 10 سنوات اشترى له والده «مهرة» من بادية الشام ونصحه ألا يقترب بها من القطار.. وذات صباح ذهب للتنزه فى عزبة قريبة من برقين هى «طرانيس العرب» وسار بمحاذاة القطار وما أن لمحته المهرة هاجت فوثب من فوقها لتتركه وحيدا وعادت إلى القرية بدونه وكان سائق القطار قد شهد المنظر فلوح بمنديل أبيض فى علامة على ان الطفل بخير وعاد إلى القرية وهنا خاف أحمد لطفى السيد الطفل من عقاب العمدة لكن والده عامله بلطف وقال له «لا تخالف نصائحى».
رحلة التعليم
فى الوقت الذى كان والده سيد أبو على يعتزم ارساله إلى الأزهر تصادف ان زاره ابراهيم ادهم مدير الدقهلية وقتها.. ودخل أحمد لطفى السيد لتحيته ودار حديث بين الوالد ومدير الدقهلية عن دراسته فقال له: إلى الأزهر الشريف وأشار عليه ابراهيم باشا ادهم بأن يرسله إلى مدرسة المنصورة الابتدائية وهى المدرسة الحكومية الوحيدة فى المحافظة وان أمين سامى باشا هو ناظرها وكان معروفا بالدقة والنظام والشدة وعدم التسامح فى التقصير مع تلاميذه.
التحق أحمد لطفى بالقسم الداخلى فى مدرسة المنصورة الابتدائية بامتحان ما عدا حفظ القرآن.. وفى المدرسة التى قبل بها واجتاز امتحانها عرف عيشة الترف بالنسبة لمدرسة المنصورة وبعدها جاء إلى المدرسة الخديوية بالقاهرة فى سراى مصطفى باشا بدرب الجماميز هى ومدرسة المهندسخانة ومدرسة الترجمة.. وفى أول عهده بمدرسة الخديوية استمر 3 أشهر لا يخرج من المدرسة وتفرغ للقراءة وكان كتاب «أصل الإنسان» لداروين الذى ترجمه شبلى شميل من أول الكتب الذى قرأها.. يشير القريبون منه إلى أنه لم يكن متفوقا وليس من المتأخرين وهو نفسه اعترف بذلك لكنه تفوق فى العلوم العربية والرياضيات ولفت نظر مدرسيه صابر باشا صبرى واحمد كمال بك ونصحاه بدخول المهندسخانة لكن والده أراد له الحقوق وقد كان مع الأفغانى ومحمد عبده فى مدرسة الحقوق التقى وتعرف على الشيخ محمد عبده صاحب الدعوة الكبرى للإصلاح وتحول معه بذكائه من موقع التلميذ إلى الصداقة تدريجيا وقادته الأيام لمقابلة جمال الدين الأفغانى خلال رحلة دراسية فى صيف 1893 مع صديقه اسماعيل صدقى وكان الأفغانى يرتدى العمامة مع جبة وسراويل كزى علماء الاستانة فى ذلك الوقت ورحلته مع الأفغانى قادته إلى آفاق التفكير الواسع.
وفى عام 1894 حصل على ليسانس الحقوق وعين على الفور فى وزارة الحقانية ورقى إلى وظيفة وكيل نيابة.
الدراسة فى جنيف
بعد أن نال الشهادة بدأ حياته العامة بوظائف النيابة وبعد 3 سنوات ضاق بالعمل فى النيابة وهجرها وسافر إلى سويسرا حيث حل به الترحال فى جنيف ملتحقا بقسم الفلسفة والآداب ويلتقى قاسم أمين وسعد باشا زغلول أبرز رموز مصر الاجتماعية فيما بعد.. وفى جنيف ادرك ان مصر لا يمكن ان تركب قطار التقدم إلا بالتعليم وعند عودته من جنيف كتب رأيه إلى الخديو عباس حلمى الذى كان وراء سفره إلى البعثة بجنيف وعاد إلى عمله بالنيابة عام 1905 وبعدها افتتح مكتبا للمحاماة مع صديقه عبدالعزيز فهمى الذى يعد واحدا من أساطين القانون فى مصر وأحد قادة ثورة 1919 لكنه كان فى مرحلة ارتباك فتركها أى المحاماة واتجه إلى الصحافة.
الاتجاه إلى الصحافة
وفى عام 1907 بعد عام واحد من حادث دنشواى ووسط كفاح مصطفى كامل فى الحزب الوطنى ومعه رفيقه محمد فريد.. وفى نفس العام أسس جريدة «الجريدة» التى تصدرتها أفكاره التنويرية ويسجل فيها رؤيته الوطنية «مصر للمصريين» وكانت قضيته الأساسية فى هذه الفترة هى «الدستور» ومع ادارته لصحيفة كبيرة فى ذلك الوقت هيأ نفسه من خلالها للدعوة إلى الإصلاح السياسى والاجتماعى وجعل منها منبرا للعلم والمعرفة مفتوحة للجميع منذ صدور عددها الأول فى 9 مارس 1907 حتى توقفت عن الصدور فى 30 سبتمبر 1914.
وبدأ يلتف حول دعوته شباب جيله وأعداد كبيرة من الطلاب ورجال الثقافة والعلم وبدأ يدعو للفكرة المهمة وهى اقامة الجامعة المصرية.. ولنا أن نقول ان كثيرا من الصحف التى نشأت فى هذه الفترة كانت تتأسى بإصدار استاذ الأجيال لمنبره الصحفى جريدة «الجريدة» فى العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين.
دخول الحياة النيابية ووكيلاً للصحفيين
وفى عام 1911 دخل الحياة النيابية مع ممارسة نشاطه الفكرى والسياسى وأصبح وكيلاً لأول نقابة للصحفيين وبعدها فى عام 1913 تقدم مرشحا لعضوية الجمعية التشريعية ووقفت سلطات الاحتلال الانجليزى ضده ففشل فى هذه الدورة وهنا كتب له سعد زغلول رسالة قال له فيها «لئن سقطت فى الانتخابات فلك عطف العقلاء» وفى عام 1916 تولى لطفى السيد سكرتير أول مجمع للغة العربية ترأسه أبو الفضل الجيزاوى شيخ الجامع الأزهر ولم يقف عند ذلك بل عاد للنيابة مرة أخرى ثم انتقل لرئاسة دار الكتب المصرية، كما شارك عام 1918 فى فكرة تشكيل وفد مصر يطالب الاحتلال باستقلال الدولة وتفرغ بعدها لترجمة أعمال ارسطو وشغل منصب وكيل الجامعة مشاركا فى تحويلها من أهلية إلى حكومية رسمية فى الفترة من 1923 حتى 1928 ثم صار مديرا للجامعة.
وزيرا للمعارف
وعام 1928 عين وزيرا للمعارف ليكون أول صحفى يشغل هذا المنصب فى حكومة صديقه محمد محمود باشا وتحت إلحاح منه باعتباره صديقه وعليه ألا يتركه.. وقبل المنصب ليشارك محمد محمود باشا فى الوزارة فى مرحلة مرتبكة من حياتنا السياسية وفى ذلك الوقت ما بعد الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة وبدء ظهور العالم على محورين المعسكر الشرقى والغربى وحلف الناتو وما جاء بعدها من احتلال فلسطين وتأسيس اسرائيل والنكبة فى 1948 قبل ثورة 23 يوليو 1952 فقد كان منصبه الأول كوزير فى حكومة محمد محمود باشا عام 28 إلى 1929 وزيرا للمعارف وفى عام 37 – 1941 عين وزير دولة فى وزارة محمد محمود أيضاً وفى المرة الثالثة تم اختياره عام 1946 وزيرا للخارجية ونائبا لرئيس الوزراء.
استقالته من الجامعة
وله مواقف خالدة فقد استقال من الجامعة عام 1932 اثر شعوره بالاعتداء على الجامعة وحرمها عندما نقل د. طه حسين من عمادة كلية الآداب دون الرجوع لإدارة الجامعة وظل بعيدا عنها حتى 1935 قبل أن يعود لها مرة أخرى حتى استقال عام 1937.
علاقته بالفلسفة
كان عاشقا للفلسفة وذلك يكشف الكثير من أفكاره ومبادئه ومن بين الفلاسفة اختار ارسطو لكى يترجم كتبه للمصريين كمفتاح للتفكير العصرى فقد ترجم عام 1924 كتاب «الأخلاق» الذى يعد مقدمة ومنهجه الفلسفى يمكن أن نطلق عليه منهج التعقيل فى بناء الشخصية المصرية فهو هنا اعتمد على المنهج التنويرى ومن ذلك نجد انه ارتبط بالحملة الفرنسية وظهور محمد على والبعثات العلمية وانشاء الجامعة المصرية ومن هنا كما يقول الدكتور عبدالعزيز شرف فى كتاب لطفى السيد الفيلسوف الذى أيقظ أمة.
أمة مصرية
وفى السيرة الذاتية لأستاذ الأجيال إيمانه الكبير بأن مصر للمصريين واستظل بالمصريون بالشعار للتخلص من الروابط الاستعمارية التى حلت بمصر ولعله أول من استخدم مصطلح القومية المصرية وفيها يقول لطفى السيد نفسه ان هذا المصطلح يعنى تحديدا الوطنية المصرية.
كان شعوره بوجود أمة مصرية فياضًا وجعله يقف مساندا لشعاره الخالد «مصر للمصريين».
مؤلفات وتراجم
ترجم من الفرنسية كتب أرسطو:
الأخلاق، السياسة، الطبيعة، الكوارث والفساد.
ومن مؤلفاته: المنتخبات «جزءان» صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية، تأملات وكان يتميز فى كتبه بالعبارة الصافية واضحة الاسلوب وله دور مهم فى اضافة أروع ثمار الأدب الفرنسى إلى ذخائر الأدب العربى وتتلمذ على يديه عدد غير قليل من أئمة الأدب فى عالمنا المصرى والعربى.
علاقته مع سعد زغلول
يقول سعد زغلول فى مذكراته ان لطفى السيد أعطاه عام 1925 كتب لينين ليقرأها وانقطع عدة أيام ليقرأ هذه الكتب باللغة الفرنسية لأنها لم تكن طبعت بعد باللغة العربية.. ويقول مصطفى أمين كان بين الزعيم سعد زغلول واستاذ الأجيال لقاء اسبوعى لا ينقطع يوم الاثنين يلتقيان يتناقشان فى كل شىء ومرة كان لطفى السيد الذى كان حريصا على اللقاء الاسبوعى لم يحضر فأرسل شقيقه ومعه شهادة من الدكتور على ابراهيم الجراح الشهير انه مريض وملازم الفراش.
وأوضح مصطفى أمين ان استاذ الأجيال كان يرفض أن يعيش الحاضر أو فى الماضى انه عند سعد زغلول رجل يعيش فى المستقبل.
دوره فى تأسيس «الحزب الوطنى»
شارك الدكتور أحمد لطفى السيد فى تأسيس الحزب الوطنى كجمعية سرية رئيسها الخديو وأعضاؤها مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد الشيمى ياور الخديو ومحمد عثمان والد أمين عثمان باشا عثمان ولبيب محرم.. وكانت الجمعية تطلق الأسماء الحركية على الأعضاء والرئيس وكان اسم الخديو فى الحزب وهو عباس حلمى «الشيخ» ومصطفى كامل أبو الفداء ولطفى السيد «ابو مسلم» ومع تقدم العمر تعرض لعدة وعكات صحية كان يتخطاها بالعلاج إلى أن كانت النهاية وكان معه مرافقه ممرضة تلازمه فى المنزل وترتب له مواعيد الدواء والغذاء وترتيب مواعيد الزيارات له.. حيث كان كثير من طلابه وتلاميذه ومريدوه حريصين على زيارته ومتابعته للاطمئنان عليه.
وفاته
أول من اكتشف وفاته ممرضته قدرية خليل عند الساعة الخامسة صباحا بعد مرور يوم على وعكة صحية المت به.. فقد استيقظ فى السابعة صباحا كعادته لكنه لم يقو على قراءة صحف الصباح وطلب منها ان تعد الافطار عند الساعة الثامنة وكان عبارة عن فول مدمس وكوب عصير من البرتقال.. ونام بعد الافطار وتناول الغداء المؤلف من قطعة دجاج وسلطة جزر وبطاطس بوريه وطبق مهلبية.. وفى الساعة الرابعة شعر بصداع فاستدعت قدرية الدكتور محمد توفيق طلعت.. ومضى الطبيب وبعد حوالى ساعتين طلب الصحف ولم يستطع اكمال قراءة عناوينها.. وفى الساعة الثامنة طلب العشاء ونام وقريبا منه تواجدت الممرضة.. وبعد حوالى 4 ساعات عند الساعة الرابعة والنصف نهض وطلب كوب شاى وبعد اعداده اقتربت منه فوجدته لا ينطق.. فصرخت ونادت ابنه الذى يقيم معه فى المنزل فوجد انه فارق الحياة وابلغ اقاربه والجميع بوفاته التى تصدرت نشرة الاخبار.
وقدرية خليل تقول ايامه الاخيرة لم يكن حريصا على قراءة الصحف وهى قد لازمته 13 عاما.. وكان قد ضعف حتى انه لم يستطع ان يتناول طعامه بنفسه ومع اذاعة النبأ بوفاته حضر إلى منزله الوزراء فى مقدمتهم عبدالعزيز السيد وزير التعليم العالى وصلاح حسن ابن وزير البحث العلمى واعضاء مجمع اللغة العربية بينهم الدكتور ابراهيم مدكور وتم تشييع جثمانه من ميدان التحرير بحضور رسمى وكان اصدقاؤه عبدالحميد بدوى وبهى الدين بركات وتوفيق الحفناوى ويتقدمون حمل الجثمان وشيع جثمانه فى جنازة شعبية ورسمية شارك فيها محبوه وقيادات الدولة من الوزراء وعمداء واساتذة الكليات والطلاب المصريين والعرب وبوفاته نفقد قيمة علمية كبيرة لها أثرها فى حياتنا الثقافية والادبية وبوفاته فقدت مصر واحدا من انجب ابنائها فى الحياة الثقافية الذى اسس لمدرسة علمية ومنهج وله الدور البارز فى حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية توارثتها الأجيال عبر استاذ الجيل د. أحمد لطفى السيد فقد ترك اثرا خالدا.
قالوا عنه:
د. مفيد شهاب
الكلمة المحورية التى ميزت حياة استاذ الجيل احمد لطفى السيد هى «الوطنية» بكل دلالاتها ومعانيها ومشتقاتها ومساراتها واعبائها الثقال التى لا ينهض بها إلا اولو العزم من الرجال الذين تصالحوا مع انفسهم ووطنهم.
مصطفى أمين
كان الزعيم سعد زغلول يحرص على ان يتناول الغداء مع أفراد أسرته كل يوم ماعدا يوم الاثنين فهو يوم اجازة دار الكتب وعطلة مديرها د. أحمد لطفى السيد.. وكان لطفى السيد يذهب فى هذا اليوم إلى بيت سعد زغلول ويمضى معه النهار كله ويتناولان الغداء.
نعمان عاشور
لطفى السيد يعبر بنظريته وثوريته وفكره ومواقفه عن افاق مستقبلية لا ترتبط بمصالح الطبقة التى خرج منها.. ولعب دورا كبيرا ايجابيا فى خدمة التطور بالحياة العامة للبلاد وهو دور له اثاره فى بناء المجتمع المصرى ونهوضه وازدهاره وتطوره.
حافظ محمود
حملت مواهب احمد لطفى السيد استطاعته ان يبث المواهب الجديدة التى اثرت فى تطويرنا الفكرى كطه حسين ومحمود عزمى وحسين هيكل ومنصور فهمى وغيرهم.
الدكتور محمد مندور
لطفى السيد يبحث دائما عن مواضع القوة والاستبشار والثقة فى حياتنا وقلما يشعرك فى حديثه بسخط او مرارة او انتقاد وهو راسخ الايمان بان الانسانية عامة ووطنه خاصة فى تقدم مطرد.
كريم مروة
عندما يذكر اسم لطفى السيد نتذكر معه محطات مهمة من تاريخه وتاريخ مصر.. ونذكر من تلك المحطات ادواره المهمة فيها وتلك التى تتصل ببواكير شبابه ومشاركته فى الحركة الوطنية ا لمصرية فى عمل ثورى سرى انتهى بتأسيس الحزب الوطنى مع مصطفى كامل.
صالح إبراهيم
هذا الرجل كان يستحق ان يكون المحتفى به رقم واحد فى ذكرى مرور 100 عام على انشاء الجامعة المصرية «الاهلية» وايضا الذكرى الـ 80 لوضع حجر الاساس لجامعة القاهرة فؤاد الاول فقد كان حدثا عظيما تبناه استاذ الاجيال.