تونس تحتفي بانطلاق مهرجان القيروان للشعر العربي التاسع
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت مدينة قرطاج في العاصمة التونسية تونس، انطلاق الدورة التاسعة من مهرجان القيروان للشعر العربي، الذي تنظمه دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية في تونس، على مدى 3 أيام بمشاركة شعراء ومثقفين ونقاد تونسيين وعرب من ليبيا والجزائر.
أقيم حفل الافتتاح في بيت الحكمة في مدينة قرطاج، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والدكتور خالد كشير، مدير عام المكتبة الوطنية ممثلاً عن وزيرة الشؤون الثقافية التونسية معالي أمينة الصرارفي، وهالة الورتاني مديرة بيت الحكمة، وكوكبة من الأدباء والأكاديميين والمهتمين بالشعر، وسط تغطية إعلامية محلية وعربية.
وبدأت وقائع الحفل بافتتاح معرض يضم عدداً من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة وبيت الشعر في القيروان، ومن بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وعدداً من الاصدارات الشعرية لشعراء تونسيين.
القصير: رؤية حاكم الشارقة أعادت حضور الشعر في كافة أرجاء الوطن العربي
وانطلقت فعاليات المهرجان بكلمة للاستاذ محمد القصير قال فيها: “تجمعنا القيروان اليوم على الكلمة الشعرية المزدانة بالقيم الإنسانية، وسط حفاوةٍ في الاستقبال في كلِّ زيارةٍ إلى الجمهورية التونسية، حيث يتجدّد اللقاء الثقافيُّ في هذا البلد الشقيق الذي يستقبل مبادرات الشارقة الثقافية بترحابٍ كبيرٍ، ما يؤكد على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التونسية، في ظلّ قيادةٍ رشيدةٍ تؤمن بأهمية التكامل العربيّ في مختلف المجالات”.
وأضاف قائلاً: “ها نحن اليوم، في رحاب الدورة التاسعة من مهرجان القيروان للشعر العربيّ، الذي يمثل جانباً مهماً من التعاون القائم بين دائرة الثقافة في الشارقة، ووزارة الثقافة في تونس.
وتابع: “إنّ وصول المهرجان إلى دورته التاسعة يؤكد الرؤية الثقافية المشتركة التي تعزز حضورها الفعاليات المتواصلة على مدى العام، فقد أراد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإطلاقه مشروع بيوت الشعر، أن يستعيد الشعر العربيُّ حضوره في كلّ أرجاء الوطن العربيّ، فوجّه بإنشاء بيوت الشعر العربيّ في الدول العربية”.
وحول بيت الشعر قال القصير: “على مدى الأعوام السابقة، خطَّ بيت الشعر سلسلةً من المبادرات والبرامج والفقرات الثقافية، احتفاءً بالشعر ومبدعيه في تونس، كما أصبح البيت فضاءً إبداعياً يحتضن المبدعين من كافة الحقول الأدبية، بل، بات موئلاً لتكوين الأطفال واليافعين والشباب في مجالات الكتابة الشعرية”.
وهنّا القصير وصول بيت الشعر إلى عامه العاشر، قائلاً: “يسرُّنا أن نرى بيت الشعر وهو على أعتاب الدخول إلى السنة العاشرة مُحافظاً على حيويته ونشاطه الثقافي في كافة المدن التونسية. ولقد كان الزخم كبيراً، وكان الجمهور التونسي المتذوق للشعر بطبعه، حاضراً في صلب كلّ ذلك، يستمع ويحتفي ويشجّع”.
وأعرب القصير عن شكره لوزارة الشؤون الثقافية بقوله: “يسعدني في هذه المناسبة أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير، إلى وزارة الشؤون الثقافية التونسية، على التعاون المثمر من أجل إنجاح مهرجانات وأنشطة بيت الشعر في القيروان”.
ونقل مدير إدارة الشؤون الثقافية تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة، وتمنياته بنجاح المهرجان، وقال: “أتشرف في هذا المقام، بأن أنقل إليكم تحيات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمنياته لكم بالنجاح والتوفيق”.
الكشير: رعاية حاكم الشارقة تصون الشعر والشعراء
وألقى خالد الكشير كلمة وزارة الشؤون الثقافية، قائلاً في بدايتها: “تتوالى الأيام والسنون ونظم القوافي على الدوام صافي، منذ أن أنشدت المعلقات وانتظمت العكاظيات.. ونشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على البذل الكريم لمن صانوا سلسبيل الافصاح عن مشاعر أمة عشقت الشعر وأحبت ناظميه في كل ربوع البلاد العربية، ففي القيروان رسخت أنغام الأبيات على وقع رقيق الأوزان، فأمة العرب مصرّة على الحافظ على وسيلة تعبيرها الأولى، الصامدة أمام أرقى وسائل التواصل الجديدة”.
وقال الكشير مبرزاً أهمية المهرجان: “إن الدأب على تجديد هذا العرس (المهرجان) في موعده للرقي بالذائقه العربية من الشارقة إلى القيروان مروراً بالضيوف من الجزائر وطرابلس، لدليلٌ على حرص دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الشؤون الثقافية في تونس على إيلاء الشعر المنزلة التي يستحق، وفي نفس الوقت مظهر من مظاهر توطيد الأواصر بين شعوبنا عبر الإبداع الشعري مرآة المشاعر والأحاسيس والصور الرقيقة”.
ولفت ممثل وزارة الشؤون الثقافية التونسية، قائلاً: “إن التقاليد التي أرساها ابن رشيق والحصري المفصح على طول الليل ولوعته، لمتواصلة بفضل بيت شعر القيروان، فهنيئا للبيت ثمرة التعاون الإماراتي التونسي، وتجسيد الشراكة الثقافية باحترام التئام ما يمكن أن نطلق عليه القيروانية قياساً على العكاظية”.
وألقت مديرة بيت الشعر في القيروان جميلة الماجري،كلمة قدمت في بدايتها أسمى معاني العرفان إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، “باعث بيوت الشعر في الوطن العربي”.
وقالت الماجري: “إن معنى أن يستمر مشروع ثقافي كل هذه السنوات، ولا تزيده السنوات إلّا اشعاعاً وتطوّراً ومزيداً من الإنجازات؛ ما هو إلّا تجسيد لصدق الإدارة وعمق إيمان صاحب السمو حاكم الشارقة صاحب هذه المبادرة الرائدة، التي فسحت للشعراء مجالات واسعة للتعبير واللقاءات التي تمكّنهم من الاطلاع على تجارب بعضهم البعض، واحتضان المواهب الجديدة ودعمها”.
وأضافت قائلة: “عميق إيمان سموّه بدور الشعر في الحفاظ على اللغة العربية هو تاريخنا الذي يمثل الشعر حافظة وذاكرة له، وحتى يكون بيت الشعر في مستوى هذه الأمانة، سعينا منذ تأسيس البيت إلى جعله فضاء مفتوحا لكل شعراء تونس بمختلف مشاريعهم”.
وسلطت مديرة بيت الشعر الضوء على حصاد السنوات الماضية، مبينة أن البيت استضاف أكثر من 1000 شاعر، وأشارت إلى أن البيت يصدر كتيب يحتوي على المحاولات الأولى لبراعم نادي الشعر وتعليم العروض، وطباعة مجموعات شعرية عن طريق دائرة الثقافة”.
“قراءات”
استمراراً لما دأب عليه بيت الشعر في القيروان في كل دورة من دورات المهرجان؛ فقد شهدت القراءات الشعرية مشاركة مجموعة من “براعم نادي العروض”.
وقرأت راتيل فضة (6 سنوات) قصيدة بعنوان “تحية”.. تقول فيها: “
نحب البيت والشعرا نحب الحرف والحبرا
ودفء البيت يجمعنا يسوق الحب والعطرا
فكلّ الشكر سلطانٌ جنيت الحب والخيرا
وقرأت أماني الفيزاني (11 سنة) من قصيدة بعنوان “بيت للشعر.. بيت للحب”، تقول:
بيت للشعر يجمعنا بيت للحب يظللنا
سلطان حاكم الشارقة قد حقق حلما راودنا
بيت للحب يجمعنا ما أحلى الشعر يوحدنا
وشارك في الجلسة الشعرية الأولى، الشعراء: بشير المشرقي، ود. عاصم الفرجاني (ليبيا)، وإلياس صابر (الجزائر)، ومنية بن صالح، وعبد الحميد بريّك.
وقرأ إلياس صابر، محتفياً بتونس:
يا تُونُسَ المَاءِ ضُمِّي الشِّعْرَ منسكبا في أخضر البوح نهرا راقَصَ السُّحُبَا
أنت التي غيّرتْ مجرى مُسَائَلتي وألهمتني الجمال المَحْضَ والعَجَبَا.
ومن “عاصفة العين” أطل عاصم الفرجاني على الجمهور، يقول:
يا من إذا نظَرَتْ لا ينفعُ الحذرُ ورمشُ عينيكِ لا يُبقِي ولا يذرُ
أصبتِ قلبي فلا تأتي وتعتذري هل ينفع الميْتَ من يأتيه يعتذرُ
أما الذكرى التي تربط بريّك مع والده، فكانت كلما مرّت في خاطره تخضّه، يقول:
إذا انساب لحن من الناي يسبي
شُعورا غريبا بنفسي أحِسْ
ويستيقظ الطفل بين ضلوعي
يحنّ لرسم قديم دَرَسْ
أمدّ يدي نحو ناي أبي
وأستنطق النّاي لحنا حُبس
وأنفخ فيه وما النّفخ يجدي.
وشارك في الجلسة المسائية، الشعراء: شكري المسعي، ومهند الحاج علي، وعبد الله ايمرزاغ، وسحر الغريبي، وسالم الشرفي.
وقرأت سحر الغريبي:
لي صورة في البيت تشبه صورتي
مرسومة في أبيض السبورة
قد لا تكون ملامحي – طبقا لها-
لكنها شبهي لنصف ضرورة
فانا بأقلام البنات أخذت شكلا
قادما من خارج الأسطورة
يافا تجسدني بفكرة طفلة
طيفا وتكتب جانبي – عصفورتي-
“توثيق”
تابع الحضور شريطاً مصوراً يوثّق أهم محطات بيت الشعر في القيروان خلال السنة الحالية، وأظهرت المشاهد الحصاد السنوي للعام 2024 للبيت من خلال تنقل الفعاليات بين الأمسيات والندوات والجلسات الحوارية والفقرات الفنية، ليستكشف الجمهور العمل اليومي الذي لا يتوقف على مدار العام داخل وخارج البيت.
“بيت الحكمة”
يعود تأسيس بيت الحكمة أو المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون إلى العام 1983، وأصبح منذ العام 1996 مؤسسة عمومية غير إدارية ومقرّه قرطاج. يهتم هذا المجمع أساسا بعلوم اللغة العربية وتطويرها، ومن الجدير ذكره أن البناء جرى تشييده في أواخر القرن التاسع عشر، وعُرِفَ آنذاك باسم “قصر زروق”.